
كتب البير خوري:
كان ينقص اللبنانيين ان تدخل احاسيسهم،سعادة ام تعاسة، في بورصة التحاليل النفسية والاجتماعية..
وبالفعل انكشفت نتائج التحاليل من خلال ثلاث مناسبة سعيدة في اسبوع واحد،تبادل اللبنانيون في خلالها،وغالبا عبر ال “فيسبوك” والـ”واتس أب” إمعانا في التوفير،التهاني والأمنيات بغد أفضل يجفّ فيه نِفاق السياسيين وأنفاق البؤس واليأس والحرمان مما جعل البلاد تحتل أسفل الهرم في بورصة السعادة والفرح.
امس كان عيد الأم،وقبله “يوم السعادة العالمي”واليوم اول ايام الشهر الفضيل رمضان..ثلاثية فرح يفترض ان تسعد اللبنانيين بقدومها لما تحمله في حيثياتها من معان سامية وممارسات اجتماعية نبيلة وفاضلة.
أين يقع لبنان في جغرافيا السعادة العالمية،وكيف له ان يمارس سعادته وسط رزمة التحديات التي تلفه من كل الجوانب وتزرع حياته بالأشواك والآلام؟..حتى العشاق افترسهم اليأس وصار التوافق بينهم نفاق حينا وخلافا حينا آخر على مستقبل الأيام.
في “يوم السعادة العالمي”، و للعام الثالث على التوالي،يحافظ لبنان على تصنيفه ثاني أقل دولة سعادة في العالم وفق تقرير اعتمد على بيانات جمعها معهد”غالوب”خلال الفترة ٢٠٢٠-٢٠٢٢ وحيث حقّق لبنان معدّلا متدن جدا بلغ ٢،٣نقاط مسبوقا فقط من افغانستان(١،٨نقاط) بين ١٣٧ دولة شملها التقرير.
استند معهد”غالوب” في تقريره إلى عوامل عدة:متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الاِجمالي والوضع الاِجتماعي للفرد والرعاية الصحية التي يحظى بها وحرية اتخاذ القرارات،فضلا عن مستويات الفساد في البلاد.
وحسب رئيسة”معهد باسل فليحان المالي والاِقتصادي” لمياء المبيض بساط،فاِن النتيجة التي توصّل إليها تقرير السعادة العالمي لهذا العام تجسّد فعلا الوضع الذي يمر به اللبنانيون منذ قرابة أربعة أعوام بفعل الأزمة الاِقتصادية المالية التي تعصف بالبلاد.
*في عيد الأم تفقد “ست الحبايب” اللبنانية مهما كانت أحوالها الاِجتماعية أبناؤها بين شهيد ومهاجر ومعوّق ومفقود غائب عن السمع او عاطل عن العمل و منهوك القوى نفسيا وجسديا وماليا.
كئيبا حلّ عيد الأم على لبنان هذا العام.فتكت الأزمة الاِقتصادية بكل مدخّرات العائلات الفقيرة والمتعففة ما جعلها تبحث عن كفاف عيشه وقوت يومها بعيدا عن أي اهتمامات اخرى مهما كانت..حتى الوردة باتت حملا ثقيلا على الأبناء.
الأمنيات مخنوقة عندما تصبح”العين بصيرة واليد قصيرة”،تصبح دعوة الأم لأبنائها بالسعادة هي الهدية الأسمى في عيدها الذي يصادف ولادة الربيع وتفتّح الورود.
*وفي أوائل أيام رمضان الشهر الفضيل،وحيث يصحّ القول فيه ” في أية حال عدت يا عيد” او”بدكن تعملو معمول هالسنة او بيكفي اللي معمول فينا”؟
أسفا وحسرة.. على أبواب شهر الرحمة والعبادة ترفع السلطة الغاشمة والمستهترة بسعادة الناس وأفراحهم سعر الدولار إلى ما ينكّد اللبنانيين في حياتهم واعصابهم بما لا قدرة لهم على احتماله.
في مطلق الأحوال سرقت السلطة الفاسدة أموال ناسها وها هي تسرق فطورهم.. حرموه من حبة التمر و قرص الفلافل وصحن الفول والفتوش ومنقوشة الزعتر وحتى كباية الشاي وفنجان القهوة..يلهونه كل يوم بمسرحية جديدة: انتخاب رئيس،استجواب حاكم،جلسة تشريعية، مقاطعة، موالاة ومعارضة والمطلوب واحد: أعيدوا للبنان سعادته وأمهاته ورمضانه..فلّوا عن سمانا” ولكم منا الشكر.